إن كنت تنتمي لنادي الزمالك ولعبت يومًا بين صفوفه وتم ترشيحك لتولي تدريب الفريق الأول فيه يومًا ما، فهناك العديد من التعليمات والنصائح عليك تعلمها قبل أن تخطوا خطوة واحدة داخل جدران القلعة البيضاء بميت عقبة.
وأهم تلك النصائح هي أن تقوم بخلع عباءة التدريب وكل المفاهيم التي تعلمتها والخبرات التي اكتسبتها طيلة حياتك التدريبية حتى تنجح في البيت الأبيض، لا سيما وأن دخول هذا الصرح العظيم له متطلبات خاصة وعليه واجبات يجب أن تُقدم لضمان الاستقرار.
يعاني الفريق الأول لكرة القدم بالزمالك، من حالة عدم الاستقرار المتزايدة في المواسم الماضية، خاصة منذ أن تولى مرتضى منصور، رئاسة الكرسي الأبيض داخل القلعة البيضاء، ذلك الرجل الذي لا يرضى بأي خلل أو تذبذب أو عدم انضباط داخل فريقه، حتى لو كنت تصنع المعجزات وتجلب البطولات.
ربما لا تُصدق ذلك الرقم، ولكنها الحقيقة والواقع القائم داخل جدران القلعة البيضاء، فقد تولى 9 مدربين تدريب الفريق الأول لكرة القدم خلال 1055 يومًا، هي فترة ولاية مرتضى منصور، مجلس الإدارة حتى يومنا هذا.
واليوم نحن في طريقنا إلى إقالة جديدة ومدرب جديد على الأبواب، بعدما باتت ساعات محمد حلمي، المدير الفني للزمالك، قليلة داخل القلعة البيضاء، بعدما اعلن مرتضى منصور، استياءه منه ومن خططه الفنية، بعد المستوى المتدني الذي ظهر به الفريق في أخر مباراة في الدوري والهزيمة من الإنتاج الحربي، بهدفين مقابل هدف، على الرغم من الفوز في السوبر الجمعة الماضية، على حساب الأهلي.
بات السؤال الذي حير الجماهير المصرية وليس المنتمية للزمالك فحسب، هو لماذا يفشل الجميع داخل الزمالك، حتى لو حقق البطولات والإنجازات، ويُجيب “بطولات” على هذا التساؤل في السطور التالية..
لعلنا سنستخدم المدربين السابقين للزمالك، نموذج حي للإجابة على هذا السؤال، وبالطبع سيكون من منهم أحرز بطولات هو الأجدر بالدراسة، وهم ليسوا بالكثر، فنحن أمام 4 مدربين فقط، من أصل تسعة.
دعنا في البداية نتفق على شيء هو القاعدة الأساسية لفهم الأحداث التي تدور داخل الزمالك، وهو أن الفريق الأبيض يختلف تمامًا منذ زمن طويل عن ما يدور داخل القلعة الحمراء، او سياستها القائمة على التكتم والالتزام والانصياع لقرارات الأعلى شئنًا، فالزمالك تميز منذ زمن بعيد بوجود ما يسمى بـ”الشلالية” أو تدليل أبناء النادي، ويبدو أن الأمر أصبح ثمة يفهمها ويطبقها كل عنصر جديد يدخل القلعة البيضاء، فسرعان ما يفهم الأجواء وينجذب لها ويبدأ في التنفيذ، لا سيما وأن من بينهم الكثير من اللاعبين من يشعر بأنه الأعلى شئنًا من الجميع و”النجم” الأوحد صاحب العبقرية والمهارة وجالب الحظ والبطولات، دعنا من شرح الباقي فجماهير الزمالك هم فقط من سيشعرون بهذه التفاصيل دون غيرهم.
– البداية مع فيريرا:
البرتغالي فيريرا، هو أكثر الأسماء التي تعلق بها جماهير الزمالك، لا سيما وهو المدرب صاحب الثنائية “الدوري والكأس” حققهما خلال 209 يومًا فقط، قبل أن يفر هاربًا من تصريحات مرتضى منصور، عقب الهزيمة في السوبر أمام الأهلي، بالإمارات.
هناك عوامل حققها فيريرا مع الزمالك ليحصد لقبي الدوري والكأس، وكان اولها، وجود نجوم وعناصر لم تحقق شعبية ونجومية التألق مع الزمالك، فقد اعتمد في بدايته على الوافدين الجدد من أندية لم يكن لها يومًا جماهير سوى ضباط الأمن المركزي أو العاملين بشركات البترول، على رأسهم أحمد الشناوي وباسم مرسي وعلى جبر ودويدار وطارق حامد وإبراهيم صلاح وأيمن حفني، وإسلام جمال.
بفضل هؤلاء اللاعبين ومدرب قوي بشخصية فيريرا، وهنا تحقق عنصر مشترك بين هذا الفريق، وهو ان الجميع لم يحقق الشهرة بعد ولم يسمع بهم أحد قبل أن يقدموا إلى الزمالك، واستطاع بحنكة البرتغاليين الذين يمتازوا ببعض الصفات المصرية، أن يحصد الثنائية للزمالك في موسم هو الاستثناء في الزمالك.
وجاء بعد ذلك مرحلة الفشل، مع بداية الموسم التالي مباشرة، وهنا كان هناك العديد من العوامل، فقد باتت جماهير الزمالك تبنى الطموحات على هذا الجيل الذي ينسيها هفوت الجيل السابق، ويبدأ مرحلة البطولات، مع رجل يصنع المستحيل مع اختلاف الاساليب حتى يضمن حقوق ناديه، إلا أن كل هذا راح هباءً بعدما شعر اللاعبين بشهرتهم ونجوميتهم وبدأت المواجهة المباشرة مع الأهلي، والتي بدأت في مباراة السوبر الذي اقيم بالإمارات الموسم الماضي، ليخسر الزمالك المباراة على الرغم من أنه كان الأقوى فنيًا حينها، إلا أن هذه المباراة كانت ناقوس الخطر في عودة المصائب لجماهير الزمالك، ليس بخسارة المباراة بل لعدوى هذا الجيل من جينات القلعة البيضاء التي يكرها مسئوليه بعدما فقد اللاعبين روح المقاتلة وتفرغوا لـ”قصات الشعر” وسهرات الليل ونجومية الفضائيات، ليأتي دور مرتضى منصور، في التدخل الفني واستبعاد غير الملتزمين وهو ما لا يرضى به الجهاز الفني، فيتم ترحيله أو إقالته أو إجباره على الاستقالة ونبدأ مرحلة جديدة من اللا نهاية في مستقبل مدربي القلعة البيضاء.
– ميدو صاحب الكأس:
أحمد حسام ميدو الذي تولى قيادة الفريق في ولايتين، الأولى استمرت 122 يومًا، والثانية 37 يوم فقط، أحد اسباب نجاح تجربته الأولى والتي اسفرت عن فوز الزمالك ببطولة كأس مصر، يعود في المقام الأول والأخير لشخصية ميدو الشاب الذي تولى قيادة الفريق في أول تجربة له عقب العودة من رحلة احتراف كبيرة في الدوريات الأوروبية، إلا أنه اصطدم بواقع اللاعب المصري في نهاية المطاف ليفشل في تنفيذ ما تربى عليه خارج حدود الوطن، لا سيما وأن خلافاته مع مرتضى منصور التي لا تهدأ أبدًا كانت عامل مهم ايضًا في فشل التجربة.
– مؤمن سليمان ومحمد حلمي:
كلاهما وجهان لعملة واحدة، فالأول حقق بطولة كأس مصر، أمام الأهلي، والثاني حقق السوبر أمام الأهلي ايضًا، إلا أنهما افتقدا للشخصية القوية التي يتطلبها العمل داخل الزمالك، للسيطرة على اللاعبين، إلا أن الأمور غابت من بين ايديهما وبدأ الصراع مع اللاعبين من جديد، ولعل أكثرهما صدامًا كان محمد حلمي، الذي بدأ هذه الأزمات في ولاته الأولى مع محمود كهربا ليرحل عن صفوف الفريق معارًا للاتحاد السعودي، ومن ثم محمود عبدالرازق شيكابالا، قبل أن تنتهي ازمته منذ ايام، عقب استبعاده من السوبر أمام الأهلي.